نيسان تعلن خطتها الجديدة .. إعادة هيكلة جذرية لإنقاذ المستقبل المالي

وتأتي هذه المبادرة عقب سلسلة من الأزمات المالية المتتالية، حيث قررت نيسان المضي قدمًا في قرارات مصيرية تشمل إعادة هيكلة العمليات الإنتاجية، تقليص النفقات، وتغيير جذري في منهجية التطوير.
تسعى نيسان من خلال هذه الخطة إلى الانتقال من مرحلة الخسائر الكبيرة إلى مسار استدامة ونمو مستقبلي، ضمن جدول زمني محدد يمتد حتى العام 2026.
خسائر مالية ضخمة تدفع نيسان نحو التغيير
كشفت النتائج المالية الأخيرة عن تعرض نيسان لخسائر صافية تصل إلى 670.9 مليار ين ياباني، أي ما يعادل حوالي 4.5 مليار دولار أمريكي، وذلك بنهاية العام المالي المنتهي في مارس 2025، هذه الخسائر أجبرت الشركة على تجميد تقديم أي توقعات تتعلق بالأرباح التشغيلية للسنة القادمة، في إشارة واضحة إلى عمق الأزمة وحجم التحديات التي تواجهها.

هيكلة عميقة في الإنتاج وتقليص عدد المنصات
تسعى نيسان إلى تحسين الكفاءة وتقليص الفجوة الزمنية بين مراحل التطوير والإنتاج، من خلال خفض عدد منصات إنتاج السيارات من 13 منصة إلى 7 فقط بحلول عام 2035.
كما تهدف إلى تسريع وتيرة تطوير الطرازات الجديدة، عبر تقليص المدة الزمنية لتصميم وتصنيع السيارات من 37 شهراً إلى 30 شهراً فقط.
وتشمل خطط الإطلاق المستقبلية الجيل الجديد من Nissan Skyline، إلى جانب سيارة SUV مدمجة تنتمي للفئة C وموجهة للأسواق العالمية، إضافة إلى طراز SUV صغير يحمل علامة Infiniti.
إجراءات تقشفية حاسمة تطال المصانع والمشاريع
كجزء من خطة Re:Nissan، أعلنت الشركة عن نيتها إغلاق 7 مصانع من أصل 17 مصنعاً حول العالم، في خطوة تهدف إلى تقليل التكاليف التشغيلية وتوجيه الموارد نحو المشاريع الأكثر ربحية. كما ألغت نيسان مشروع مصنع بطاريات LFP الذي كان من المقرر إنشاؤه في منطقة كيوشو باليابان.
بجانب ذلك، تم تجميد بعض المشاريع المستقبلية التي لم تعد تتماشى مع التوجه الجديد للشركة، مع إعادة توجيه حوالي 3,000 موظف للعمل ضمن مبادرات خاصة بخفض التكاليف وتحقيق أعلى درجات الكفاءة. وحرصًا على تنفيذ الخطة بدقة، أنشأت نيسان وحدة تنفيذية تضم 300 خبير، تختص بمراجعة القرارات المتعلقة بالإنفاق وتحقيق أقصى استفادة من الموارد.
نيسان وتوجه جديد يعتمد على تخصيص المنتجات حسب السوق
في ظل المتغيرات العالمية، قررت نيسان اعتماد استراتيجية تسويق مرنة تستجيب لاحتياجات كل سوق على حدة، ففي الولايات المتحدة، تركز الشركة على التوسع في قطاع السيارات الهجينة إلى جانب تعزيز مكانة علامة Infiniti من خلال تحديثات جديدة.
أما في السوق الصينية، فهناك توجه قوي نحو الاستثمار في سيارات الطاقة الجديدة (NEVs)، تماشيًا مع اتجاهات المستهلك المحلي، وفي القارة الأوروبية، تعتزم نيسان تعزيز وجودها في فئة سيارات SUV الصغيرة والمتوسطة من الفئة B وC، بما يتوافق مع الطلب المتزايد هناك.
وفي الشرق الأوسط، تركز على تلبية احتياجات السوق من خلال تقديم سيارات SUV كبيرة تتمتع بالاعتمادية والقوة، كما تسعى الشركة إلى زيادة الإنتاج المحلي في المكسيك، من أجل تعزيز قدرات التصدير إلى أسواق أمريكا اللاتينية، وضمن خطط خفض التكاليف، تقوم نيسان بدراسة خيار استيراد بعض الطرازات الجاهزة من الصين، لتقليل أعباء التصنيع وتحقيق مرونة مالية أعلى.
قيادة جديدة تدفع باتجاه الحسم والتنفيذ
أوضح الرئيس والمدير التنفيذي الجديد لشركة نيسان، إيفان إسبينوزا، أن الوضع الحالي يتطلب قرارات واضحة وسريعة، قائلاً إن الأداء المالي الضعيف خلال عام 2024 والضغوط الناتجة عن ارتفاع التكاليف يفرضان على الإدارة التحرك الحاسم.
وأكد أن خطة Re:Nissan ليست مجرد إطار نظري، بل خطة تنفيذية تعكس ما يجب القيام به الآن، مشددًا على التزام الشركة الكامل بالعودة إلى الربحية خلال السنوات القادمة، وبالتحديد بحلول عام 2026.
تحدي البقاء والعودة للمنافسة العالمية
ما تقوم به نيسان اليوم هو عملية إعادة صياغة شاملة لهويتها التشغيلية والإنتاجية، فبينما تعكس قرارات إغلاق المصانع وتسريح الموظفين صعوبة المرحلة، إلا أنها تمثل في الوقت ذاته فرصة لإعادة الانطلاق وفق نموذج أكثر ذكاءً واستجابة لتقلبات السوق.
نجاح هذه الخطة يعتمد على مدى التزام نيسان بالتنفيذ العملي، وعلى قدرتها في تحويل هذه الأزمة إلى انطلاقة جديدة تضعها في مقدمة اللاعبين الرئيسيين في صناعة السيارات عالميًا.