أخبار السيارات

بطاريات السيارات الكهربائية.. ابتكار صيني قد يعيد تشكيل مستقبل النقل النظيف

في عالم يشهد تسارعًا غير مسبوق في التحول نحو المركبات الكهربائية، تبرز بطاريات السيارات الكهربائية كقلب نابض لهذه الثورة التقنية، فكل تطور في هذا المجال لا يُعد مجرد تحسين جزئي، بل يُمكن أن يكون نقطة انعطاف فارقة تحدد شكل المستقبل.

وفي خطوة قد تغيّر قواعد اللعبة، أعلنت شركة CATL الصينية، والتي تُعد من أبرز المصنعين العالميين في مجال البطاريات، عن تقنية جديدة في تطوير بطاريات الليثيوم المعدني (LMB)، وهو تقدم يُبشر بعصر جديد من الكفاءة الطاقية والعمر الافتراضي الطويل للبطاريات.

هذا الإعلان، الذي جاء وسط سباق عالمي متسارع لتطوير تقنيات الطاقة المستدامة، يكشف عن نموذج أولي لبطارية ليثيوم معدني قادر على تقديم كثافة طاقية تتجاوز 500 واط/كج، مع عمر تشغيلي يمتد لضعف ما توفره البطاريات التقليدية المتوفرة حاليًا في الأسواق، إنها قفزة نوعية قد تُحدث تحولًا جذريًا في تصميم واعتماد السيارات الكهربائية على نطاق واسع.

بطاريات السيارات الكهربائية وتكنولوجيا الليثيوم المعدني

البطاريات الجديدة التي طورتها CATL تعتمد على استخدام الليثيوم المعدني كمادة أنودية أساسية، وهو ما يمنحها كثافة طاقية أعلى مقارنةً بالتقنيات المعتمدة على الجرافيت أو السيليكون.

ومع تجاوز الكثافة الطاقية لحاجز الـ 500 واط/كج، تكون هذه البطاريات قد تخطت منافساتها بفارق ملحوظ، على سبيل المثال، تعمل شركات مثل ستيلانتيس وFactorial على تطوير بطاريات صلبة بكثافة تصل إلى 375 واط/كج فقط، ما يضع تقنيات CATL الجديدة في موقع ريادي بفارق يقارب 33%.

إضافةً إلى ذلك، تمتاز بطاريات الليثيوم المعدني بوزنها الأخف وسرعة شحنها الأعلى، وهو ما يجعلها مثالية للاستخدام في المركبات الكهربائية الحديثة، خاصة تلك المصممة لقطع مسافات طويلة بشحنة واحدة.

بطاريات السيارات الكهربائية
بطاريات السيارات الكهربائية

الاكتشاف العلمي فهم أدق لآليات التحلل والتفاعل الداخلي

ما يُميز إنجاز CATL ليس فقط في نتائج الأداء، بل في المنهجية التي قادت إليه، فقد استخدمت الشركة ما تُسميه “التخطيط الكمي”، وهي تقنية متقدمة لتحليل مكونات الإلكتروليت وتفاعلاته على المستوى الذري، مما أتاح لها مراقبة دقيقة للتفاعلات الكيميائية داخل البطارية على مدار دورات الشحن.

ومن خلال هذه التقنية، استطاع الباحثون تحديد السبب الجذري لفشل بطاريات الليثيوم المعدنية، والذي لم يكن، كما أشارت الدراسات السابقة، ناتجًا فقط عن تراكم الليثيوم الميت أو تحلل المذيب، بل يعود بشكل رئيسي إلى الاستهلاك المستمر لمادة إلكتروليت LiFSI.

فقد أظهرت النتائج أن ما يقارب 71% من هذا الإلكتروليت يتعرض للاستهلاك بحلول نهاية دورة حياة البطارية، وهو ما يُؤثر سلبًا على الكفاءة والاستقرار.

اقرأ أيضًا: جينيسيس G80 Electrified الجديدة.. نقلة نوعية في عالم السيارات الكهربائية الفاخرة

الحل المبتكر لتحسين الأداء

استجابةً لهذا التحدي، طورت CATL تركيبة إلكتروليت جديدة تحتوي على مذيب منخفض الوزن الجزيئي، مما ساهم في رفع تركيز ملح LiFSI، وتحسين التوصيل الأيوني داخل البطارية، والأهم من ذلك، أن هذا التحسين لم يأت على حساب الوزن أو اللزوجة، بل حافظ على خفة الإلكتروليت وسهولة حركته، مما أسهم في تعزيز الأداء دون التأثير على الكفاءة الطاقية.

هذا التعديل الكيميائي المتقدم يتيح للبطارية الحفاظ على استقرارها لفترة أطول، ويُقلل من تدهور أدائها مع مرور الوقت، ما يجعلها أكثر موثوقية وجدوى من الناحية الاقتصادية والبيئية.

تداعيات مستقبلية وثقة أكبر في السيارات الكهربائية

إن هذا الابتكار لا يمثل مجرد تقدم تقني، بل يحمل بين طياته تحولات استراتيجية محتملة لصناعة السيارات الكهربائية، فبطارية ذات عمر أطول وكثافة طاقية أعلى تعني سيارات قادرة على قطع مسافات أطول دون الحاجة لإعادة الشحن المتكرر، وتكلفة أقل على المدى البعيد للمستهلك.

كما أن هذه الخطوة تعزز من ثقة المستخدم النهائي، وتفتح المجال أمام تصميمات جديدة للمركبات، قد تكون أخف وزنًا، وأقل استهلاكًا للطاقة، وأكثر كفاءة من حيث التكامل مع أنظمة الطاقة المتجددة.

ومع توجه العديد من الحكومات حول العالم لحظر بيع سيارات الوقود الأحفوري خلال العقد القادم، فإن هذه القفزة في تكنولوجيا البطاريات قد تسرّع من عملية التحول، وتجعل اقتناء سيارة كهربائية خيارًا واقعيًا ومجديًا لكل المستهلكين.

اقرأ أيضًا: شاحنات “سايبرتراك” من تسلا “كارثة مالية” لأصحابها.. ماذا حدث؟

بطاريات السيارات الكهربائية وخطوة نحو المستقبل

تؤكد CATL من خلال هذا الابتكار أنها ليست مجرد شركة تصنيع بطاريات، بل لاعب رئيسي في رسم معالم مستقبل النقل المستدام، وبينما تستمر المنافسة على تطوير حلول طاقة أكثر كفاءة، يبدو أننا على أعتاب تحول حقيقي في صناعة السيارات الكهربائية، حيث لا يعود السؤال “هل ستنجح؟”، بل يصبح “إلى أي مدى ستُغير العالم؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى